Skip to main content
تبرعوا الآن

الأمم المتحدة: زخم متزايد لإبرام معاهدة بشأن الجرائم ضد الإنسانية

من شأن المعاهدة تعزيز جهود مقاضاة مرتكبي أسوأ الفظائع في العالم

مقر "الأمم المتحدة" في مدينة نيويورك، الولايات المتحدة، 16 يوليو/تموز 2024.   © 2024 ياكوب بورزيتشكي/نور فوتو عبر أ ب فوتو

(نيويورك) – قالت "هيومن رايتس ووتش" و"مشروع منع الجرائم ضد الإنسانية" التابع لكلية الحقوق بـ "جامعة كولومبيا" اليوم في ورقة إحاطة جديدة تُحدد 25 توصية حتى تنظر فيها الوفود في "الأمم المتحدة" أثناء إعدادها للمفاوضات الرسمية بشأن المعاهدة، إن وضع اتفاقية دولية فعالة لمنع الجرائم ضد الإنسانية والمعاقبة عليها سيتطلب دبلوماسية طموحة واستشرافية.

الجرائم ضد الإنسانية، التي تشمل الإبادة، والاسترقاق، والاغتصاب، والحمل القسري، والاضطهاد، والاختفاء القسري، والفصل العنصري، من بين جرائم أخرى، عندما ترتكب كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد السكان المدنيين، هي من بين الجرائم الأكثر خطورة بموجب القانون الدولي. يعتبر حظرها أصلا قاعدة إلزامية لا يمكن لأي دولة مخالفتها. من شأن معاهدة جديدة أن تضفي تماسكا واتساقا مهمين على كيفية التصدي لهذه الجرائم في كل ولاية قضائية، وأن تتيح التعاون بين الدول لمنع هذه الجرائم.

قال أكشايا كومار، مديرة المناصرة لشؤون الأزمات في هيومن رايتس ووتش ومُعِدّة الإحاطة: "مرت 80 عاما منذ اتهام قادة النازية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في نورمبرغ، لكننا ما زلنا ننتظر معاهدة مخصصة حصريا للتصدي لهذه الجرائم. على الدبلوماسيين الذين يجتمعون في نيويورك لمعالجة هذه الفجوة أن يلتزموا بعملية تتحدى عمدا الإقصاء والتفاوت اللذين غالبا ما اتسم بهما صنع القانون الدولي في الماضي، حتى تتمكن هذه المعاهدة من استشراف السنوات الـ 80 القادمة بشكل أفضل".

في ديسمبر/كانون الأول 2024، اتفقت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في "قرار الجمعية العامة 79/122" على المضي قدما في العمل الرسمي على هذه المعاهدة. هذه العملية، التي ستبدأ بلجنة تحضيرية في يناير/كانون الثاني 2026، هي فرصة تاريخية لتعزيز الالتزامات العالمية بمنع هذه الجرائم الجسيمة ومعاقبة مرتكبيها. ينبغي أن تُستكمل الاجتماعات في نيويورك باجتماعات ومشاورات إقليمية لتعزيز المشاركة وإمكانية الوصول، وهو ما يكتسب أهمية خاصة نظرا إلى القيود المتزايدة على تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة.

ينبغي للمنظمين أيضا الالتزام ببث وقائع الاجتماعات عبر الإنترنت مع توفير ترجمة فورية للسماح بأوسع مشاركة ممكنة في العملية. هذا يشمل مجموعات الضحايا والناجين، والمدافعين عن حقوق المرأة، ومجتمعات الشعوب الأصلية، والأكاديميين، والأشخاص ذوي الإعاقة الذين قد يحتاجون إلى تسهيلات معقولة للمشاركة، والأطفال والشباب.

قالت هيومن رايتس ووتش ومشروع منع الجرائم ضد الإنسانية إن الأشهر المقبلة ستختبر عزم الدول على الحفاظ على الوحدة والرؤية في مواجهة العقبات السياسية. لتحقيق أقوى نتيجة ممكنة، ينبغي أن يكون المندوبون مستعدين للتصويت عندما يؤدي صنع القرارات القائمة على التوافق، والتي تتطلب إجماعا، إلى عقبات وتأخيرات حتمية.

اجتمعت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في "اللجنة السادسة" للجمعية العامة، وهي المنتدى القانوني للأمم المتحدة، في أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2025 لمناقشة التمهيد للمفاوضات الرسمية. أكدت الدول واحدة تلو الأخرى دعمها للعملية الموضحة في قرار ديسمبر/كانون الأول 2024 وأعربت عن نيتها المشاركة في المفاوضات لوضع اتفاقية من شأنها حماية المدنيين بشكل أفضل من هذه الجرائم الفظيعة. بقيادة كوستاريكا، دعت عشرات الوفود من أفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا وآسيا في 13 أكتوبر/تشرين الأول صراحة إلى إشراك منظمات المجتمع المدني في كل مرحلة. بل وحثت على إشراك المنظمات التي لا تتمتع بوضع "استشاري" رسمي في "المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة"، معترفة بأن الحصول على هذا الاعتماد صعب وقد يكون من الصعب الحفاظ عليه بالنسبة للمجموعات الأهلية. في تعليقاتها خلال الاجتماع نفسه، أشارت ألمانيا بشكل خاص إلى أهمية السماح لمنظمات المجتمع المدني بالمشاركة في جلسات "الفريق العامل" المقرر عقدها في يناير/كانون الثاني 2026.

ستشمل اجتماعات يناير/كانون الثاني أيضا فريقا عاملا ستتاح فيه لكل وفد فرصة لشرح وجهات نظره حول التعديلات المحتملة على نص مجموعة من مشاريع المواد، التي أعدتها "لجنة القانون الدولي" وكانت قد نُشرت في 2019. كانت مشاريع المواد هذه موضوع مناقشات في دورتين "مستأنفتين" للجنة السادسة في عامي 2023 و2024، وفي جولة من التعليقات المكتوبة، وتناولتها ورقة الإحاطة الصادرة اليوم. بحلول 30 أبريل/نيسان 2026، سيتعين على الدول تقديم مقترحات لتعديل مشاريع المواد لعام 2019. وستُدرج هذه المقترحات، إلى جانب مشاريع المواد، في وثيقة مجمّعة لتنظر فيها الدول في الاجتماعات المقررة لعامي 2028 و2029 لمفاوضات مؤتمر المفوضين.

يمكن للمعاهدة أن ترسخ العدالة في الجرائم ضد الإنسانية بشكل أعمق في القانون الدولي، ما يحفز الدول على اعتماد قوانين وطنية ويُعزز جهود المحاكم المحلية من خلال المساعدة القانونية المتبادلة. من الأفضل أن يستخدم المفاوضون العملية التي تمتد على سنوات عدة لتنقيح شروط المعاهدة بحيث تعترف بشكل أفضل بالأضرار الفريدة التي تواجهها النساء والأشخاص ذوو الإعاقة والأطفال ومجموعات أخرى. ينبغي أن يتضمن النص النهائي أيضا إجراءات حماية إجرائية للمتهمين، ويحدّ من الملاذات الآمنة للمشتبه بهم، ويعترف بحقوق الضحايا، لا سيما الحق في التعويض، مع الحفاظ على أقصى نطاق للولاية القضائية.

قالت كريستين رايان، مديرة مشروع منع الجرائم ضد الإنسانية في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا: "من المهم أكثر من أي وقت مضى أن تؤكد الحكومات التزامها بسيادة القانون وتقاوم أي محاولة لتمييع المبادئ الأساسية للاتفاقية، بما يشمل المنع".

سلطت المجموعتان، في ورقة الإحاطة، الضوء على العناصر الرئيسية في مشاريع المواد التي يكتسب الحفاظ عليها أهمية خاصة. قدمتا أيضا 13 تعديلا ممكنا على مشاريع المواد تأملان أن تعتمدها الدول وتقدمها كمقترحات قبل الموعد النهائي في 30 أبريل/نيسان 2026.

في وقت يحتاج فيه العالم، أكثر من أي وقت مضى، إلى دعم العمل متعدد الأطراف، ورغم معارضة القوى الكبرى، يبرز بوضوح الزخم المتزايد حول المسار الرسمي نحو إبرام معاهدة. كان الدور الريادي لغامبيا والمكسيك وكوستاريكا وسيراليون أساسيا في هذا الصدد.

قال ريتشارد ديكر، المستشار القانوني الأول في هيومن رايتس ووتش، الذي يعمل منذ سنوات لإحراز تقدم في عملية المعاهدة: "ستكون الإرادة الجماعية للدول الداعمة، لا سيما بقيادة دول الجنوب العالمي وتصميم المجتمع المدني، ضرورية لضمان أن تصبح المعاهدة الفعالة واقعا. من الفاشر إلى مدينة غزة، ومن كوكس بازار إلى ماريوبول، ينبغي أن يكون الضحايا والناجون هم البوصلة الأخلاقية لهذه العملية. شجاعتهم تذكرنا بأهمية المساءلة".

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد